___ مسلسل السبع وصايا - الحضرة الثالثة

الحضرة الثالثة
من قام يهتف

من قام يهتف باسم ذاتك قبلنا..من كان يـدعو الواحد القهارا
عبدوا تماثيل الصخور وقدَّسوا..من دونك الأحجارَ والأشجارا
عبدوا الكـواكب والنجوم جهالةً..لم يبلغوا من هديها أنوارا
هل أعلن التوحيد داعٍ قبلنا..وهدى الشعوب إليك والأنظارا
بلغت نهاية كل أرض خيلنا .. وكأن أبحرها رمال البيد
في محفل الأكوان كان هلالنا .. بالنصر أوضح من هلال العيد
في كـل موقعــة رفـعنا رايـــة .. للمجـد تعـلـن آية التوحيد
أُمم البرايا لم تكن من قـبلنا .. إلا عبيداً في إسـار عبيد

شعر محمد إقبال
موسيقى هشام نزيه

هذه الأبيات تم جمعها من قصيدة حديث الروح للشاعر الهندي محمد إقبال. القصيدة في الأصل مكتوبه باللغة الأوردية و قام بترجمتها للعربيه الشيخ الأزهر على شعلان الصاوي.
و هذه هي القصيدة الكاملة :

الشكوى(حديث الروح)
شكوايّ أم نجوايّ في هذا الدُّجى
ونجوم ليلي حُسَّدي أم عُوَّدي
أمسيتُ في الماضي أعيشُ كأنما
قطعَ الزّمانُ طريق أمسي عن غدي
والطيـر صادحةٌ على أفنانها
تُبكي الرّبا بأنينها المتجدّدِ
قدطال تسهيدي وطال نشيدها
ومدامعي كالطلِّ في الغصن النَّدِي
فإلى متى صمتي كأني زهرةٌ
خرساء لم ترزق براعة منشد
 
قيثارتي مُلِئَت بأنّات الجوى
لابد للمكبوت من فيضّانِ
صعدتْ إلى شفتي بلابل مهجتي
ليَبِين عنها منطقي ولساني
أناما تعدّيت القناعة والرضا
لكنما هي قصة الأشجانِ
أشكو وفي فميَ الترابُ وإنما
أشكو مصاب الدين للدَّيَّانِ
يشكو لك اللهمَّ قلب لم يعش
إلا لحمدِ عُلاك في الأكوانِ

قد كان هذا الكون قبل وجودنا
روضاً وأزهاراً بغير شَمِيمِ
والورد في الأكمام مجهول الشّذا
لا يُرتجى وردٌ بغير نسيمِ
بل كانت الأيّام قبل وجودنا
ليلاً لظالمها وللمظلومِ
لما أطلّ (محمدٌ) زكت الرَّبى
واخضر في البستان كل هشيم ِ
وأذاعت الفردوس مكنون الشذى
فإذا الورى في نضرةٍ ونعيمِ
 
من كان يـهتف باسم ذاتك قبلنا
من كان يدعو الواحد القهارا
عبدوا تماثيـل الصخور وقـدّسوا
من دونك الأحجار والأشجارا
عبدوا الكواكب والنجوم جهالةً
لم يبلُغوا من هديها أنوارا
هل أَعلن التوحيد داعٍ قبلنا
وهدى الشعوب إليك والأنظارا؟
كنا نُقَدِّم للسيوف صدورنا
لم نخش يوماً غاشماً جبارا
 
قد كان في اليونان فلسفةٌ وفي
الرومان مدرسةٌ وكان الـمُلكُ في ساسانِ
لم تغن عنهم قوةٌ أو ثروةٌ
في المالِ أو في العلمِ والعِرفانِ
وبكل أرض ( سامريٌ ) ماكرٌ
يكفي اليهود مؤونةَ الشيطانِ
والحكمة الأولى جرت وثنيةً
في الصين أو في الهند أو طورانِ
نحن الذين بنور وحيك أوضحوا
نهج الهدى ومعالم الإيمانِ
 
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع
اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال  وربما
سرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا
قبل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس أفــريقيا ولا صحراؤها
سجداتنا والأرض تقذف نارا
وكأنّ ظِل السيف ظِلَّ حديقـــةٍ
خضراء تُنبـت حولنا الأزهارا
  
لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو
نصب المنايا حولنا أسوارا
ندعو جهاراً لا إله سوى الذي
صنع الوجود وقدّر الأقدارا
ورؤوسنا يا رب فوق أكُفِّنا
نرجو ثوابك مغـــنماً وجوارا
كنا نرى الأصنام من ذهب
فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها
كنزاً، وصاغ الحلْيّ والدِّينارا
  
كم زُلزل الصّخر الأشمُّ فما وهى
من بأسنا عزم ولا إيمانُ
لو أن آساد العرين تفزَّعت
لم يلق غير ثباتنا الميدانُ
وكأن نيران المدافع في صـدور
المؤمنين الروح والريحانُ
توحيدُك الأعلى جعلنا نقشه
نوراً تضيء بصُبحه الأزمانُ
فغدت صدور المؤمنين مصاحفـاً
في الكون مسطوراً بها القرآنُ
  
من غيرنا هدم التماثيل الّتي
كانت تقدسها جهالات الورى ؟
حتى هوت صور المعابد سُجّداً
لجلال من خلق الوجودَ وصوّرا
ومن الأُلى حملوا بعزم أكُفّهم
باب المدينة يوم غزوة خيبرا ؟
أمّن رمى نار المجوس فأُطفئت
وأبان وجه الحق أبلج نيِّرا ؟
ومن الذي بذل الحياة رخيصةً
ورأى رضاك أعزّ شيْ فاشترى ؟
  
نحن الذين استيقظت بأذانهم
دنيا الخليقة من تهاويل الكرى
نحن الذين إذا دُعُوا لصلاتهم
والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبّروا
في مسمع الروح الأمين فكبّرا
محمود مثل إياز قام كلاهما
لك بالخشوع مصلياً مستغفراً
والعبد والمولى على قدم التُّقى
سجدا لوجهك خاشعين على الثّرى
  
بلغت نهاية كل أرض خيلنا
وكأن أبحرها رمال البيدِ
في محفل الأكوان كان هلالنا
بالنصر أوضح من هلال العيدِ
في كل موقعة رفعنا راية
للمجد تعلن آية التوحيدِ
أُمم البرايا لم تكن من قبلنا
إلا عبيداً في إسار عبيدِ
بلغـت بنا الأجيال حُرِّياتها
من بعد أصفادٍ وذلِّ قُيًودِ
  
رحماك ربي هل بغير جباهنا
عُرف السجودُ ببيتك المعمورِ ؟
كانت شغاف قلوبنا لك مصحفاً
يحوي جلال كتابك المسطورِ
إن لم يكن هذا وفاءً صادقاً
فالخلق بالدنيا بغيرِ شعورِ
ملأ الشعوب  جُناتُها وعُصاتها
من ملحدٍ عاتٍ ومن مغرورِ
فإذا السحاب جرى سَقاهم غيثه
واختصّنا بصواعق التدميرِ
 
قد هبّت الأصنام من بعد البلى
واستيقظت من قبل نفخ الصّورِ
والكعبة العليا توارى أهلها
فكأنهم موتى لغيرنشورِ
وقوافل الصحراء ضل حُداتها
وغدت منازلها ظلال قبورِ
أنا ما حسدت الكافرين وقد غدو
في أنعُمٍ ومواكبًٍ وقصورِ
بل محنتي ألا أرى في أمّتي
عملاً تُقدمه صَداقَ الحُورِ
 
لك في البريّة حكمةً ومشيئةً
أعيت مذاهبها أُولى الألبابِ
إن شئت أجريت الصّحارى أنهراً
أو شئت فالأنهارُ موجُ سرابِ
فإذا دُهي الإسلامُ في أبنائه
حتى انطووا في محنةٍ وعذابِ ؟
فثراؤهم فقرٌ ودولة مجدهم
في الأرض نهبُ ثعالبٍ وذئابِ
عاقَبْتنا عدلاً فهب لعدونا
عن ذنبه في الدهر يوم عقابِ
  
عاشوا بثروتنا وعشنا دونهم
للموت بين الذل والإملاقِ
الدين يحيا في سعادة أهله
والكأس لا تَبقى بغير الساقي
أيـن الذين بنار حبك أَرسلُو
الأنوار بين محافل العشاقِ
سكبوا الليالي في أنين دموعهم
وتوضؤوا بمدامع الأشواقِ
والشمس كانت من ضياء وجوههم
تُهدي الصباح طلائع الإشراقِ
  
كيف انطوت أيامهم وهم الأُلى
نشروا الهدى وعلوا مكان الفرقدِ ؟
هجروا الديارفأين أزمع ركبهم
من يهتدي للقوم أو من يقتدي ؟
يا قلبُ حسبك لم تُلِمَّ بطيفهم
إلا على مصباح وجه محمدِ
فازوا من الدنيا بمجدٍ خالدٍ
ولهم خلودُ الفوز يوم الموعدِ
يا ربِّ ألهمنا الرشاد فما لنا
في الكون غيرك من وليٍّ مرشدِ
 
ما زال قيسٌ والغرام كعهده
وربوع ليلى في ربيع جمالها
وهضاب نجد من مراعيها المها
وظباؤها الخفراتُ ملءُ جبالها
والعشق فيّاضٌ وأمة أحمد
يتحفّزُ التاريخ لاستقبالها
لو حاولت فوق السماء مكانةً
رفّت على شمس الضحى بهلالها
ما بالها تلقى الجدود عواثراً
وتصدهاالأيام عن آمالها
 
هجْرُ الحبيب رمى الأحبة بالنَّوى
وأصابهم بتصرُّم الآمالِ
لو قد مللنا العشق كان سبيلُنا
أو نستكين إلى هوى وضلالِ
أو نصنع الأصنام ثم نبيعها
حاشا الموحد أن يَذِلَّ لمالِ
أيام سلمان بنا موصولة
وتُقى أويس في أذان بلالِ
 
يا طيب عهد كنت فيه منارنا
فبعثت نورالحق من فاران
وأسرت فيه العاشقين بلمحة
وسـقيتهم راحاً بغير دِنَانِ
أحرقت فيه قلوبهم بتوقُّد
الإيمان لابتلهُّب النيرانِ
لم نبق نحن ولا القلوب ، كأنها
لم تحظ من نارالهوى بدُّخانِ
إن لم يُنر وجه الحبيب بوصله
فمكان حُزن القلب كلُّ مكانِ
  
يا فرحة الأيام حين نرى بها
روض التّجلّي وارف الأغصانِ
ويعود محفلنا بحُسنك مُسفراً
كالصُّبح في إشراقه الفينانِ
قد هاج حزني أن أرى أعداءنا
بين الطِّلا والظِّل والألحانِ
ونعالج الأنفاس نحن ونصطلي
في الفقر حين القوم فـي بستانِ
أشرِقْ بنورك وابعث البرق القديم
بومضةٍ لفراشك الظَّمآنِ
 
أشواقنا نحو الحجاز تطلعت
كحنين مغترب إلى الأوطانِ
إنَّ الطيور وإن قصَصتَ جناحها
تسمو بفطرتها إلى الطَّيرانِ
قيثارتي مكبوتةٌ ونشيدُها
قد ملّ من صمتٍ ومن كتمانِ
واللَّحن في الأوتار يرجو عازفاً
ليبوح من أسراره بمعان ِ
والطُّورُ يرتقب التجلّي صارخاً
بهوى المشُوق ولهفةِ الحيرانِ
  
أكبادنا احترقت بأنَّات الجوى
ودماؤنا نهرالدموع القاني
والعطر فاض من الخمائل والرُّبا
وكأنه شكوى بغير لسانِ
أوليس من هول القيامة أن يكون
الزَّهر نمَّاماً على البستانِ
النمل لايخشى سليماناً إذا
حرست قُرَاه عناية الرحمنِ
أرشد براهِمَة الهنودُ ليرفعوا
الإسلام فوق هياكل الأوثان ِ
 
ما بال أغصان الصنوبر قد نأت
عنها قماريها بكل مكانِ
وتعرَّت الأشجار من حلل الرُّبا
وطيورها فرَّت إلى الوديانِ
يا ربِّ إلا بلبلاً لم ينتظر
وحيَ الربيع ولا صَبا نيسانِ
ألحانه بحرٌ جرى متلاطماً
فكأنه الحاكي عن الطوفانِ
يا ليت قومي يسمعون شِكايةً
هي في ضميري صرخةُ الوجدانِ
 
إن الجواهر حيَّرت مرآة هذا
القلب فهو على شفا البركانِ
أسمِعهُمو يا ربِّ ما ألهمتني
وأعدْ إليهم يقظة الإيمانِ
وأذقهم الخمر القديمة إنها
عين اليقين وكوثر الرضوانِ
أنا أعجمي الدَّنِّ لكن خمرتي
صُنع الحجاز وكرمها الفَيْنَانِ
إن كان لي نغمُ الهنود ولحنُهم
لكن هذا الصوت من عدنانِ

 


VideoPad
تم عمل الفيديو باستخدام هذا البرنامج .. جربه مجانا.

ads